فصل: تفسير الآية رقم (21):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (21):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)}
{آبَآءَنَا} {الشيطان}
(21)- وهؤلاءِ الذينَ يُجَادِلُونَ في اللهِ بغَيرِ عِلْمٍ، وَلا كِتابٍ، لا مَطْمَعَ فِي هِدَايَتِهم، فإِنَّهُمْ إِذا دُعُوا إِلى اتِّبَاعِ مَا أَنزَلَ اللهُ على رَسُولِهِ مِنْ شَرْعٍ وهُدى قَالُوا: إِنّهُم يُفَضِّلُونَ اتِّبَاعَ مَا وَجَدُوا عَليه آباءَهُمْ مِنْ دِينٍ، لأنَّ آباءَهُمْ، وَأَسْلافَهُمْ لا يَقَعُونَ جَميعاً فِي الخَطَأِ.
ويَرُدُّ اللهُ تَعَالى عليهم قَائِلاً: أَيَتَّبِعُونَ آبَاءَهُمْ وأَسْلافَهُمْ حَتَّى وَلَو كَانُوا عَلَى خَطَأٍ وَضَلالٍ فيما يَعْبُدُونَ؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانُوا يَتَّبِعُونَ ما زَيَّنَتْ لَهُمْ الشَّياطِينُ؟ وَمَنِ اتَّبَعَ الشَّيطَانَ أَوْصَلَهُ إِلى نَارِ جَهَنَّمَ وَسَعِيرهَا.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22)}
{عَاقِبَةُ}
(22)- وَمَنْ يُخلْصِ العَمَلَ للهِ، وَيَخْضَعْ لأَمْرِهِ، وَيَتّبِعْ شَرْعَهُ، وَهُوَ مُحْسِنٌ في عَمَلِهِ باتِّبَاعِ مَا أَمَرَ اللهُ بهِ، وَتَرْكِ مَا نَهَى عَنْهُ، فَقَدْ تَعَلَّقَ بأَوْثَقِ الأَسْبَابِ التي تُوصِلُ إلى رِضْوَانِ اللهِ، وَحُسْن جَزَائِهِ، والنَّاسُ راجِعُونَ جَميعاً إلى اللهِ، وأَعْمَالُهُم وأُمُورُهُمْ صَائِرَةٌ إليهِ فيُجَازِي كُلَّ وَاحٍدٍ بِعَمَلِهِ.
يُسْلِمْ وَجْهَهُ للهِ- يُفَوِّضْ أَمْرَهُ كُلَّهُ للهِ.
اسْتَمْسَكَ- تَمَسَّكَ واعْتَصَمَ وَتَعَلَّقَ.
العُرْوةِ الوُثْقْىَ- بِالعَهْدِ الأَوْثَقِ الذِي لا نَقْضَ لَهُ.

.تفسير الآية رقم (23):

{وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)}
(23)- وَيُسَلِّي اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ لَهُ: أَمَّا مَنْ كَفَرَ بِمَا جِئْتَهُ بِهِ، فَلا تَحزَنْ عَلَيهِ، فإِنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ بِقَدَرِ اللهِ، وَسَيَرْجِعُ النَّاسُ إلى اللهِ يَومَ القِيَامَةِ فَيَعْرضُ اللهُ تَعَالى عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ، وَيجْزِيهِمْ بِهَا، وَلا تَخْفَى عليهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَافِيةٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا يُكِنُّونَ فِي صُدُورِهِمْ مِنْ نَوايا.

.تفسير الآية رقم (24):

{نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24)}
(24)- واللهُ تَعَالى يُمْهِلُهُمْ في الدُّنيا زَمَناً قَليلاً يَتَمتَّعُونَ فِيهِ، وَيَنْعَمُونَ بِزَخَارِفِ الحَياةِ الدُّنيا الفَانِيةِ، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ النَّارَ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُمْ (نَضْطَرُّهُمْ) لِيَذُوقُوا فِيها العَذابَ الأَلِيمَ الكَبيرَ الشَّاقَّ عَلى نُفُوسِهِم.
العَذَابُ الغَلِيظُ- الشَّديدُ الثَّقِيلُ.

.تفسير الآية رقم (25):

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25)}
{لَئِن} {السماوات}
(25)- وإِذا سَأَلْتَ يَا مُحَمَّدُ، هؤلاءِ المُشْرِكينَ مِنْ قَوْمِكَ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ؟ لَيَقُولُنَّ: اللهُ. لأنَّهُمْ لا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَإِذا اتَّضَحَ صِدْقُكَ فِيما جِئْتَهُمْ بهِ، واسْتَبَانَ الحَقُّ، الحَمْدُ للهِ الذِي ألجَأَهُمْ إلى الاعْتِرافِ بالحَقِّ، ولكِنَّ أكثرَ المُشْرِكينَ لا يَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ المُسْتَوجِبُ الحَمْدَ وَحْدَهُ.

.تفسير الآية رقم (26):

{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26)}
{السماوات}
(26)- وَللهِ جَميعُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَا فِي الأَرْضِ، مُلْكاً وَخَلْقَاً وَتَصَرُّفاً، وَليسَ لأحدٍ سِواهُ شيءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلا يَسْتَحِقُّ العِبَادَةَ فيهِما غَيْرُهُ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ عِبَادَةِ الخَلْقِ لَهُ، وَعَنْ عَوْنِهِمْ، وَكُلُّ شيءٍ فَقِيرٌ إليهِ، وَلَهُ الحَمْدُ في جَميعِ الأُمُورِ.

.تفسير الآية رقم (27):

{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)}
{أَنَّمَا} {أَقْلامٌ} {كَلِمَاتُ}
(27)- وَلَوْ أَنَّ جَميعَ أَغْصَانِ الشَّجَرِ المَوْجُودَةِ في الأَرْضِ جُعِلَتْ أَقَلاماً لِتُكْتَبَ بِهَا كَلِمَاتُ اللهِ، وَلَوْ أَنَّ مَاءَ البَحْرِ جُعِلَ حِبْراً (مِدَاداً)، ثُمَّ أَمَدَّتْهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مِنْ بَعْدِهِ، فإٍنَّ جَمِيعَ الأَقْلامِ تَتَحَطَّمُ، وَجَمِيعَ البِحَارِ تجِفُّ مِيَاهُها قَبلَ أَنْ تَنْتَهِيَ كِتَابَةُ كَلِمَاتِ اللهِ الدَّالَّةِ عَلَى عَظَمَتِهِ، والمُعَبِّرَةِ عَمَّا خَلَقَ، وَعْنْ خَصَائِصِ مَا خَلَقَ.. فَاللهُ تَعَالى عَزِيزٌ لا يُضَامُ، حَكِيمٌ في خَلْقِهِ وَشَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ.
مَا نَفِدَتْ- مَا فَرَغَتْ وَمَا فَنِيَتْ.
يَمُدُّهُ- يَزِيدُهُ وَيَنْصَبُّ فِيهِ.

.تفسير الآية رقم (28):

{مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)}
{وَاحِدَةٍ}
(28)- وَليسَ خَلْقُ النَّاسِ جَمِيعِهِمْ، وَلا بَعْثُهُمْ يَومَ القِيَامَةِ بالنِّسبَةِ إلى قُدْرَةِ اللهِ إِلا كَخْلْقِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، فالجَمِيعُ هَيِّنٌ عَليهِ (وَمَا أَمْرُنا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالبَصَر)، واللهُ سَميعٌ لأَقوالِ العِبَادِ، بَصِيرٌ بِأَفْعَالِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (29):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)}
{الليل}
(29)- أَلَمْ تَنْظُرْ يَا أَيُّها الإِنسَانُ نَظَرَ اعْتِبَارٍ وَتَأَمُّلٍ، أنَّ اللهَ جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مُتَدَاخِلَينِ، يَتْلُو أَحَدُهُمَا الآخَرَ، يَتَنَاوَبَانِ الطّولَ والقِصَرَ، وَسَخَّر الشَّمْسَ والقَمَرَ لِمَصْلَحَةِ خَلْقِهِ، وَمَنْفَعَتِهِمْ، وَكُلٌّ مِنْهَمَا يَجري بأَمْرِ رَبِّه إِلى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَاجَلٍ مُعَيِّنٍ إِذا بَلَغَهُ إِذا بَلَغَهُ انْتَهَى أَمْرُهُ؟ واللهُ خَبيرٌ بِمَا يَعْمَلُهُ العِبَادُ مِنْ خَيرٍ وَشَرٍ.
يُولِجُ- يُدْخِلُ.

.تفسير الآية رقم (30):

{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)}
{الباطل}
(30)- وَقَدْ خَلَقَ اللهُ تَعَالى الكَائِنَاتِ، وَقَدَّرَهَ، وسَخَّرَها، وَجَعَلَ لَهَا أَجْلاً مُعَيَّناً.. لأَنَّهُ الإِلهُ الحَقُّ، وَلا حَقَّ سِوَاهُ، وَلا يَسْتَوجِبُ العِبَادَةَ غَيرُهُ، وَلَمْ يَخْلُقِ الخَلْقِ لِلعَبَثِ واللَّهْوِ والتَّسْلِيَةِ، وَإِنَّما خَلَقهُمْ لِحِكْمَةٍ يُقَدِّرُهَا هُوَ، وَهَوَ تَعَالى يُظْهِرُ لِلْخَلْقِ آياتِهِ لِيَسْتَدِلُّوا بِهَا عَلَى أَنَّهُ الإِلهُ الحَقُّ، وَأَنَّ كُلَّ ما سِوَاهُ بَاطِلٌ. وَليَسْتَدِلُّوا عَلَى أنَّهُ تَعَالَى هُوَ الكَبيرُ المُتَعَالِي الذِي لا أَكبرَ مِنْهُ، وَلا أَعْلَى، وَأَنَّ الكُلَّ خَاضِعٌ إليهِ وَهُوَ ذَلِيلٌ حَقِيرٌ.

.تفسير الآية رقم (31):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)}
{بِنِعْمَةِ} {آيَاتِهِ} {لآيَاتٍ}
(31)- ألَمْ تُشَاهِدْ يَا أَيُّها الإِنسَانُ السُّفُنَ وَهي تَمْخُر عُبَابَ البَحْرِ، وَهِي تَحْمِلُ البَشَرَ والمَتَاعَ والأَنعَامَ والمُؤَنَ، مِنْ قُطْرٍ إِلى قُطْرٍ، لِيَنْتَفِعَ بِهَا النَّاسُ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ، وهذِهِ السُّفُنُ تَسيرُ بِقُوَّةِ الرِّياحِ التي يخِّرُها اللهُ، واللهُ تَعَالى هُوَ الذي يَحفَظُها مِنَ الغَرَقِ، والضَّياعِ في البَحرِ، وكُلُّ ذلِكَ من نِعَمةِ اللهِ عَلى البَشَر، وفِيهِ دَلالَةٌ على عَظَمَةِ اللهِ، وقدرَتِهِ، ولُطْفِهِ بِعِبَادِهِ، لِكُلِّ صَبَّارٍ عَلى الشَّدائِدِ والبِلاءِ، شَكُورٍ لرَبِّهِ عَلَى النَّعْمَاءِ.
{نَجَّاهُمْ} {بِآيَاتِنَآ}

.تفسير الآية رقم (32):

{وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)}
(32)- وَإِذَا أَحَاطَتْ بِمَنْ يَرْكَبُونَ البَحْرَ، أَمْوَاجٌ عاتِيةٌ كَالجِبَالِ أَوِ الغَمَامِ (كَالظُّلَلِ)، يَدْعُوَ الله مُخْلِصِينَ لهُ العِبَادَةَ لأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لا يَقدِرُ أَحَدٌ مِنَ الخَلْقِ عَلَى نَفْعِهِم وَإِنْقَاذِهِمْ مِمّا هُمْ فيهِ. فإِذا اسْتَجَابَ اللهُ لِدُعَائِهمْ، وَأَنْقَذَهُمْ وأَوْصَلَهُمْ إِلى البَرِّ سَالِمينَ، كَانَ بَيْنَهُمْ أُنَاسٌ مُتَوَسِّطُونَ في أقوالِهِمْ وأَفْعَالِهِمْ بَينَ الخَوِفِ والرَّجاءِ، مُعْتَدِلُونَ في أعمَالِهِمْ، مُوفُونَ بما عَاهَدُوا الله عَليهِ حينَما كَانُوا في البَحرِ. وَكَانَ بينَهم أُناسٌ نَاكِثُونَ لِلعَهدِ، كُفَّارٌ بأَنعُمِ اللهِ. وَلا يَجْحَدُ بِأَنْعُمِ اللهِ ويْكفُرُهَا إِلا كُلُّ شَدِيدِ الغَدْرِ، كَافِرٍ بالنِّعَمِ.
الظُّلَ- الغَمَامِ الذِي يُظَلِّلُ.
مُقْتَصِدٌ- سَالِكٌ لِلطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ.
الخَتَّارُ- الغَدَّارُ.

.تفسير الآية رقم (33):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)}
{ياأيها} {الحياة}
(33)- يُحَذِّرُ اللهُ تَعالَى النَّاسَ مِنْ أَهوالِ يومِ القِيَامَةِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِتَقْوَاهُ لِينُقِذُوا أَنفُسَهُمْ مِنْ أَهْوَالِهِ، فَهُوَ يومٌ لا يستَطِيعُ فِيهِ أحدٌ نَفْعَ أحدٍ، فَلا الوَالِدُ يستَطيعُ أنْ يَفْدِيَ ابنَهُ، وَلا المَولُودُ يَستَطِيعُ أَنْ يَفْدِيَ وَالِدَهُ، أَوْ أَنْ يَنْفَعَهُ بشيءٍ، أَوْ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ ذُنُوبِهِ شَيئاً، وَلا يَنْفَعُ الإِنسانَ فِي ذَلِكَ اليومِ إِلا إِيمَانُهُ برَبِّهِ، وإِخلاصُهُ العِبَادَة لَهُ، وَعَمَلُهُ الصَّالِحُ.
ثُمَّ يأمرُ اللهُ تَعَالى العِبَادَ بِأَلا تُلْهِيَهُمُ الحَيَاةُ الدُّنيا بِزُخْرُفِها، وَزِينَتِهَا، وَمَتَاعِهَا، عَنِ العَمَلِ النَّافِعِ لِيَومِ القِيَامَةِ، وَيومُ القِيَامةِ هوَ وعدٌ حَقٌّ مِنَ اللهِ، واللهُ لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ أَبَداً. كَمَا يَأْمُرُهُمْ بأَلاّ يَغُرَّهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَحْمِلَهُمْ على المَعَاصي بِتَزْيِينِها لَهُمْ.
يَوْماً لا يَجْزِي- لا يَقْضِي فِيهِ شَيئْاً.
فَلا تَغُرَّّنّكُمْ- فَلا تَخْدَعَنَّكُمْ وَتُلْهِينَّكُمْ بِلَذَّاتِها.
الغَرُورُ- الشّيطَانُ وَكُلُّ مَا يَغُرُّ وَيَخْدَعُ.

.تفسير الآية رقم (34):

{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}
(34)- يَذْكُرُ اللهُ تَعَالى خَمسَةَ أَشياءٍ اخْتَصَّ نَفْسَهُ الكَريمَةَ بِعِلْمِهَا، فَلا يَعْلَمُها أَحَدٌ سِواهُ وهيَ:
- علمُ السَّاعةِ- فَلا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَوعِدَ قِيامِ السَّاعَةِ.
- إِنْزالُ الغَيْثِ- فَهُوَ تَعَالى يُنْزِلُ الغَيْثَ في وَقْتِهِ المُقَدَّرِ، وَمَكَانِهِ المُعَيَّن، وَلا يَعْلَمُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ شَيئاً مِنْ ذَلِكَ.
- عِلْمُ مَا فِي الأرْحَامِ مِنْ ذَكَرِ أَوْ أُنْثَى وَمِنْ جَنينٍ تَامِّ الخَلْقِ أَوْ نَاقِصِهِ... وَلا يَعْلَمُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ ذَلِكَ، فِي بَدْءِ تَخَلُّقٍ الجَنينِ.
- مَا تَكسِبُهُ النَّفْسُ فِي غَدِهَا مِنْ خَيرٍ وَشَرٍّ، فَلا يَعْلُمُهُ أَحَدٌ غيرُ اللهِ.
- مَكَانُ الوَفَاةِ وَزَمَانُها- فَلَيسَ لأَحدٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ أَنْ يَعْلَمَ أَيْنَ يَمُوتُ وَمَتَى يَمُوتُ.
والذِي يَعْلَمُ ذلِكَ كُلَّهُ هُوَ اللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ لا إِله إِلاّ هُوَ العَليمُ الخَبِيرُ.